التحالف الكوري الجنوبي-الأمريكي على مفترق طرق

تقرير
لي جاي ميونغ وزوجته يغادران مطار هانيدا إلى الولايات المتحدة بعد انتهاء زيارتهما لليابان (أ ف ب)
لي جاي ميونغ وزوجته يغادران مطار هانيدا إلى الولايات المتحدة بعد انتهاء زيارتهما لليابان (أ ف ب)
ﺷﺎرك
Getting your Trinity Audio player ready...

يزور الرئيس الكوري الجنوبي الجديد، لي جاي ميونغ، نظيره الأمريكي، دونالد ترامب، في واشنطن غداً، حيث تأتي هذه الزيارة في واحدة من أكثر الفترات حساسية بتاريخ التحالف بين البلدين منذ 72 عاماً، وفي ظل مواصلة كوريا الشمالية تطوير قدراتها العسكرية، وتعزيز شراكتها الوثيقة مع الاتحاد الروسي، على حساب الأمن الأوروبي والآسيوي.

لا تزال العلاقة بين موسكو وبكين أقوى من أي وقت مضى، أما بين كوريا الشمالية والصين، فقد شهدت تحسناً ملحوظاً خلال العام الماضي، أي أن هذا التوافق بين بيونغ يانغ وبكين وموسكو، إلى جانب تعقيدات إقليمية جديدة أخرى، يؤدي إلى زيادة خطر سوء التقدير وفشل سياسة الردع، لذا يواجه لي وترامب أسئلة أمنية حرجة مثل: كيفية التعامل مع التهديدات العسكرية التي تشكلها كوريا الشمالية، والعداء الصيني والروسي، وإعادة التوازن إلى الالتزامات الدفاعية، والحفاظ على التعاون الأمني ​​الثلاثي مع اليابان.

التوافق بين بيونغ يانغ وبكين وموسكو إلى جانب تعقيدات إقليمية جديدة أخرى يؤدي إلى زيادة خطر سوء التقدير وفشل سياسة الردع

التعامل مع بيونغ يانغ

 تزايدت الانتقادات الموجهة للاستراتيجية التقليدية بين كوريا الجنوبية والولايات المتحدة، التي تعتمد على الدبلوماسية والردع والعقوبات، بسبب فشل هذه الاستراتيجية في منع تهديدات كورية الشمالية، حيث رفضت حكومة بيونغ يانغ المناشدات الدبلوماسية الأخيرة من سيؤول وواشنطن، وقامت بنشر أسلحة نووية إضافية، وقدمت مساعدة عسكرية غير مسبوقة للغزو الروسي لأوكرانيا.

في مواجهة هذه الانتكاسات، دعا بعض المحللين إلى تقليص أهداف كوريا الجنوبية والولايات المتحدة، فقد اقترحوا التركيز في الوقت الحالي على الحد من ترسانة كوريا الشمالية النووية بدلاً من السعي إلى إزالتها بالكامل.

 هذه المقاربة التي تركز على مراقبة الأسلحة، تهدف إلى تقليص أو تجميد المكونات الأساسية لمنظومة الأسلحة النووية لكوريا الشمالية، مثل: (الرؤوس الحربية النووية، وأنظمة الإطلاق، والمواد الانشطارية، والتجارب النووية)، كما تتمثل الأولويات على المدى القريب في منع بيونغ يانغ من بيع هذه المكونات لدول أو جهات غير حكومية أخرى، وتطوير تدابير للشفافية وبناء الثقة، واستعادة قنوات الحوار المنتظمة، وتخفيف المعاناة الإنسانية للشعب الكوري الشمالي.

يعتقد المؤيدون أن هذه الخطوات قد تسهم في بناء الثقة وتعزيز نزع السلاح على المدى الطويل؛ بينما يعبر المعارضون عن قلقهم من أنها قد تشرعن وضع كوريا الشمالية كدولة تمتلك أسلحة نووية لفترة غير محددة.

تقليص العقبات الروسية والصينية

بفضل الدعم القوي الذي تقدمه موسكو وبكين لكوريا الشمالية، ولا سيما امتناعهما عن تطبيق العقوبات الدولية، بات النقاش السابق حول جدوى سياسة “الضغط الأقصى” لإجبار بيونغ يانغ على تقديم تنازلات، أو خيار تخفيف العقوبات وتقديم الحوافز مقابل التعاون، نقاشاً بلا معنى، ولكن بما أن كوريا الشمالية يمكنها الحصول على كميات ضخمة من الوقود من روسيا، والطعام من الصين، والسلع الأخرى التي كانت محظورة سابقاً، فإن كوريا الجنوبية والولايات المتحدة لا تستطيعان تصعيد الضغط الاقتصادي على الشمال بما يكفي لإجباره على تقديم تنازلات، ولا تحفيزه على التعاون من خلال عرض تخفيف العقوبات المفروضة عليه.

 رغم أن إدارة ترامب قد تفرض عقوبات ثانوية على الشركات الروسية والصينية التي تُجري معاملات تجارية مع كوريا الشمالية، إلا أن هذه الشركات، بدعم من حكوماتها دأبت على التحايل على العقوبات الدولية، إذ سعت سيؤول وموسكو إلى المساومة للحصول على دعمهما، فمن المرجح أن تطلب بكين وموسكو تنازلات كبيرة في قضايا أخرى.

لا يوجد ضمان بتحسن تطبيق العقوبات الروسية والصينية، إذ انتهكت الحكومتان بالفعل عقوبات مجلس الأمن الإلزامية التي صوتتا على اعتمادها سابقاً، علاوة على ذلك، فإن الشركات الروسية قد تعرضت للعقوبات بشكل كبير لدرجة أن أي تهديدات جديدة بفرض عقوبات إضافية لن تشكل رادعاً كبيراً لها، بينما يمكن للصين تهديد الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية بتدابير اقتصادية مضادة، مثل: تقليص وارداتهما من المعادن الأساسية.

دبلوماسية متباينة

قد تحاول الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية تجاوز روسيا والصين من خلال الدبلوماسية الثنائية مع الشمال، ولتقليل التوترات بين الكوريتين، فككت إدارة لي مكبرات الصوت التي تبث دعاية مناهضة للنظام في الشمال، وقلصت حجم مناورات “درع الحرية أولشي” العسكرية التي أُجريت هذا الشهر مع الولايات المتحدة، واقترحت إحياء مشاريع تعاونية مع الشمال، وبغض النظر عن مطالبة الشمال بالتزام نزع السلاح النووي كشرط مسبق للمفاوضات، وضع لي خطة من ثلاث مراحل تتدرج أهدافها من تجميد برامج كوريا الشمالية الصاروخية والنووية، ثم تقليصها، ثم القضاء عليها.

دبابة كورية خلال مناورة مشتركة بين كوريا الجنوبية والولايات المتحدة كجزء من “مناورات درع الحرية” (أ ف ب)

رغم تعهد لي بتنسيق السياسات الكورية الداخلية مع الولايات المتحدة، إلا أن هذه المبادرات التوعوية أثارت مخاوف بشأن اختلاف الأولويات الدبلوماسية بين سيؤول وواشنطن، لطالما سعى التقدميون الكوريون الجنوبيون، المؤثرون في الحزب الديمقراطي الحاكم الذي ينتمي إليه لي، إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية والإنسانية مع كوريا الشمالية مع تخفيف العقوبات والتوترات الحدودية.

على النقيض من ذلك، قد يرغب ترامب في المقام الأول بالحد من تهديدات كوريا الشمالية للأراضي الأمريكية، حيث كان ترامب أقل انتقاداً للشراكة العسكرية بين روسيا وكوريا الشمالية من صانعي السياسات الكوريين الجنوبيين، الذين يخشون أن تصبح بيونغ يانغ، بدعم من موسكو، أكثر استفزازاً.

بالإضافة إلى احتمال تباين الأولويات الجوهرية بين الحكومتين، فإنهما على الأرجح تفضلان أساليب دبلوماسية مختلفة، إذ تفضل إدارة لي النهج التقليدي “الفعل مقابل الفعل”، حيث تقوم كوريا الجنوبية وشركاؤها بمكافأة كوريا الشمالية على التنازلات التدريجية، وبالمقابل، يعرض ترامب تفضيله للدبلوماسية “الضربة الكبرى”، التي تُقدِّم فيها الأطراف تنازلات مُبكِّرة للدفع بسرعة نحو حلٍّ نهائيٍّ جريء.

رغم أن رفض كوريا الشمالية التعامل بشكل مباشر مع لي أو ترامب حتى الآن قد جنب حدوث فجوة دبلوماسية بين كوريا الجنوبية والولايات المتحدة، إلا أن التوترات بين سيؤول وواشنطن قد تزداد إذا رأت أي من الحكومتين أن الأخرى تتجاهل أولوياتها الأمنية.

تحويل الأعباء

يسعى ترامب إلى جعل التحالفات الأمنية الأمريكية أكثر فائدة اقتصادياً للولايات المتحدة، إذ ينظر إلى حلفاء أمنيين مقربين، مثل كوريا الجنوبية، كمنافسين اقتصاديين، ورغم أن سيؤول توصلت مؤخراً إلى اتفاقية تجارية واستثمارية جديدة مع الولايات المتحدة، إلا أنه من المرجح أن يواصل ترامب جهوده لحث سيؤول على زيادة إنفاقها الدفاعي الوطني بشكل كبير، ودعمها للقوات الأمريكية في كوريا، فمن خلال اتفاقية التدابير الخاصة، تنفق حكومة سيؤول أكثر من مليار دولار سنوياً، معظمها على المقاولين الكوريين الجنوبيين، لتغطية النفقات المتعلقة بقوات الولايات المتحدة في كوريا.

رغم أن كوريا الجنوبية توصلت إلى اتفاقية تجارية واستثمارية جديدة مع الولايات المتحدة إلا أنه من المرجح أن يواصل ترامب جهوده لحث سيؤول على زيادة إنفاقها الدفاعي بشكل كبير ودعم المدفوعات للقوات الأمريكية في كوريا

يبدو أن إدارة لي مستعدة لزيادة الإنفاق الدفاعي لجمهورية كوريا بسبب تدهور البيئة الأمنية في شمال شرق آسيا، فمن المتوقع أن يؤدي تعزيز القدرات الناتج عن ذلك إلى تقليل التوترات السابقة بين كوريا الجنوبية والولايات المتحدة بشأن توقيت وشروط تولي سيؤول التحكم العملياتي في أوقات الحرب (OPCON) على قيادة القوات المشتركة بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية.

رغم أن لي أكد نقل السيطرة على العمليات العسكرية خلال حملته الرئاسية، وأن هذا الانتقال يتماشى مع رغبة ترامب في أن يتحمل حلفاء الولايات المتحدة مسؤولية أكبر عن دفاعهم، إلا أن المخاوف لا تزال قائمة من أن الكوريين الشماليين وغيرهم قد ينظرون إلى هذا النقل المتسرع على أنه حرص من الولايات المتحدة على تقليص التزاماتها الدفاعية المتعلقة بكوريا الجنوبية.

المرونة الاستراتيجية

تولي قيادة البنتاغون الحالية الأولوية للاستعداد لحرب محتملة ضد الصين، وخاصةً فيما يتعلق بتايوان، وتُقيّم حلفاء الولايات المتحدة بناءً على دعمهم لهذه المهمة، حيث يسعى المخططون الأمريكيون إلى تحقيق مرونة استراتيجية تسمح بالاستفادة من القوات والقواعد الأمريكية في جميع أنحاء منطقة المحيطين الهندي والهادئ، بما في ذلك كوريا الجنوبية، وذلك تحسباً لأي طارئ محتمل.

 كما يدرسون سبل تحسين قدرات قوات الولايات المتحدة في سيؤول لمواجهة الطوارئ خارج شبه الجزيرة، وكيفية دعم قواعد قوات الولايات المتحدة في كوريا وغيرها من الأصول الثابتة للمهام عن بُعد، وما إذا كان ينبغي إعادة نشر القوات من كوريا الجنوبية إلى مواقع أخرى.

في السنوات الأخيرة، شعر الكوريون الجنوبيون بقلق أكبر بشأن الأوضاع الأمنية المتعلقة بالصين وطرق الملاحة البحرية حول تايوان، التي تعد حيوية للتجارة البحرية لسيؤول، ومع ذلك، تُصرّ مؤسسة الأمن القومي في جمهورية كوريا على مواصلة تقييد القوات القتالية التابعة لقوات الولايات المتحدة في كوريا (USFK) في مهامها بشبه الجزيرة.

كما يتجنبون عادةً مناقشة الأدوار العسكرية المحتملة لكوريا الجنوبية في حالة الطوارئ المتعلقة بتايوان علناً، وذلك لتجنب استفزاز الصين بما يضر بمصالح سيؤول الاقتصادية والأمنية، فبكين هي الشريك التجاري الرئيسي لكوريا الجنوبية وقد استخدمت الضغط التجاري ضد الدول التي تتبع حكوماتها سياسات تعارضها بكين.

مع ذلك، لا يزال العديد من الكوريين الجنوبيين التقدميين يطلبون المساعدة الصينية في إدارة كوريا الشمالية، في حين يخشى بعض المحللين المحافظين في كوريا الجنوبية أن يؤدي انشغال البنتاغون بالطوارئ المتعلقة ببكين إلى خفض مستوى الاستعدادات العسكرية الأميركية ضد كوريا الشمالية.

يخشى كلا الطرفين من “إيقاع” كوريا الجنوبية في صراع بين الصين والولايات المتحدة، ومشاركة بكين لصالح بيونغ يانغ في حرب كورية أخرى، كما أن نشر كوريا الشمالية للصواريخ النووية بالقرب من حدودها مع الصين يزيد من خطر أن يرى صانعو السياسات في الصين أن الضربات الأمريكية والكورية الجنوبية ضد الأصول النووية لبيونغ يانغ تشكل تهديداً.

ساحة عرض الأسلحة العسكرية في مركز معركة تابو-دونغ التذكاري في تشيلغوك، دايغو، كوريا الجنوبية (أ ف ب)
التوترات الثلاثية

عززت كوريا الجنوبية واليابان والولايات المتحدة تعاونها الأمني ​​بشكل كبير في السنوات الأخيرة، وفي قمة كامب ديفيد التي عُقدت في أغسطس 2023، اتفق رؤساء الدول الثلاث على إجراء مناورات ثلاثية سنوية، وتبادل المزيد من المعلومات حول إطلاق كوريا الشمالية للصواريخ، وتعزيز التعاون في مجال الدفاع الصاروخي.

تلعب اليابان دوراً محورياً في هذه المعادلة الثلاثية، فالقوات والقواعد الأمريكية في اليابان ستوفر تعزيزات حيوية لقوات جمهورية كوريا وقوات الولايات المتحدة في حرب على شبه الجزيرة الكورية، كما يمكن لطوكيو تعزيز الرسائل الكورية الجنوبية والأمريكية من خلال شراكاتها العالمية القوية، فمنذ انتخابه، أدلى لي بتصريحات أكثر إيجابية بشأن العلاقات مع اليابان، وهو يزور طوكيو حالياً لعقد اجتماعات رفيعة المستوى قبل أن يتوجه إلى واشنطن.

 رغم أن صانعي السياسات في كوريا الجنوبية واليابان يتشاركون المخاوف بشأن تغيّر السياسات الاقتصادية والأمنية الأمريكية، إلا أن التحولات السياسية الأخيرة في الدول الثلاث أثارت تساؤلات حول مستوى التعاون الدفاعي المستقبلي بينها، إذ يخشى بعض التقدميين في كوريا الجنوبية من أن العلاقات الأمنية المتنامية بين كوريا الجنوبية واليابان والولايات المتحدة تعيق التعاون بين الكوريتين، إذ تُقيّد مرونة سيؤول وتُفاقم المخاوف الأمنية لدى بيونغ يانغ وبكين وموسكو.

صانعو السياسات في كوريا الجنوبية واليابان يتشاركون المخاوف بشأن تغيّر السياسات الاقتصادية والأمنية الأمريكية إلا أن التحولات السياسية الأخيرة في البلدان الثلاثة أثارت تساؤلات حول مستوى تعاونهم الدفاعي في المستقبل

المؤسسة الدفاعية اليابانية، تميل أكثر من مديري الأمن القومي في كوريا الجنوبية إلى اعتبار المناطق المحيطة باليابان وشبه الجزيرة الكورية والصين مسرحاً عسكرياً واحداً، كما تحث طوكيو كوريا الجنوبية وحلفاء الولايات المتحدة الآخرين على تقديم التزامات أكبر للدفاع عن تايوان ضد التهديدات العسكرية من جمهورية الصين الشعبية.

 السيناريوهات

حددت سيؤول وواشنطن هدفاً مشتركاً لتعزيز التحالف الأمريكي-الكوري الجنوبي ليصبح تحالفاً استراتيجياً شاملاً وموجهاً نحو المستقبل، وتطوير التحالف بما يعود بالنفع على الطرفين في ظل بيئة أمنية إقليمية متطورة، كما أن كيفية تعامل الرئيسين مع هذه القضايا سيكون له دور كبير في تحديد ما إذا كان بإمكانهما تحقيق هذه الأهداف.

يُقلل انتخاب لي من احتمالات سعي كوريا الجنوبية إلى امتلاك سلاح ردع نووي مستقل، فقد كان سلفه، يون سوك يول، يُفكّر ملياً في القدرات النووية الوطنية، ويطالب بضمانات ردع نووي أمريكية أكثر وضوحاً، وهو ما قدمته إدارة بايدن، فيما تظهر استطلاعات الرأي بانتظام دعماً عاماً بين المشاركين الكوريين الجنوبيين لمختلف الخيارات النووية، لكن لي يدعو حالياً إلى نزع السلاح النووي في شبه الجزيرة الكورية والاعتماد على تعهدات الولايات المتحدة بالدفاع عن جمهورية كوريا.

دأبت الولايات المتحدة على منح ضمانات الردع النووي لحلفائها، مثل كوريا الجنوبية، كأداة أساسية لمنع الانتشار، وقد واصلت إدارة ترامب الأولى هذه السياسة، ولم يُغيّر ترامب موقفه، ولكن إذا ما أقدم على ذلك أو إذا تراجعت ثقة كوريا الجنوبية في الضمانات الأمنية الأمريكية بشكل كبير، فقد يزداد اهتمام سيؤول بامتلاك الأسلحة النووية.

من المحتمل أن يتراجع التعاون الأمني بين كوريا الجنوبية واليابان والولايات المتحدة، نظراً لاختلاف الأولويات والضغوط الداخلية المختلفة في سيؤول وطوكيو وواشنطن، كان يون رئيساً غير تقليدي في كوريا الجنوبية، حيث كان مستعداً لتجاوز العداوات الكورية الجنوبية تجاه اليابان في سبيل تعزيز الروابط بين الديمقراطيات في شمال شرق آسيا لمواجهة الصين وشركائها الاستبداديين.

في هذه الأثناء، أصبحت الحكومة اليابانية الضعيفة بقيادة رئيس الوزراء شيغيرو إيشيبا أقل قدرة على تقديم تنازلات لكوريا الجنوبية، علاوة على ذلك، لم يجعل ترامب، على عكس بايدن، تعزيز العلاقات الكورية الجنوبية-اليابانية أولوية رئاسية.

رغم أن الاستقطاب الداخلي الأمريكي لم يؤثر بشكل مباشر على التحالف بين كوريا الجنوبية والولايات المتحدة أو العلاقات الثلاثية بين كوريا الجنوبية واليابان والولايات المتحدة، إلا أن القومية الاقتصادية لإدارة ترامب قد تعيق تكامل القدرات الصناعية الدفاعية الكورية الجنوبية واليابانية والأمريكية، مثلما يحدث في مجالات المعادن الأساسية أو بناء السفن، إذا قامت الولايات المتحدة بتقليص انتشار قواتها التقليدية في كوريا الجنوبية أو فرضت مطالب مفرطة لدعم الدول المضيفة، فإن احتمالات أن تقدم كوريا الجنوبية على التكيف مع الصين بدلاً من موازنتها لضمان دعم بكين في كبح جماح كوريا الشمالية ستزداد، ما يزيد من الضغوط الأمنية مع واشنطن وطوكيو.

بالمحصلة، إن إضعاف التحالف بين كوريا الجنوبية واليابان والولايات المتحدة، قد يُزيل أحد دوافع التعاون بين كوريا الشمالية وروسيا والصين، وسيقللّ حافز بكين من التحالف مع بيونغ يانغ وموسكو، إذا تراجعت مخاوف بكين بشأن الاحتواء الغربي للصين في شمال شرق آسيا، وإذا رأى القادة الصينيون فرصاً لاستغلال الخلافات بين سيؤول وطوكيو وواشنطن.

ريتشارد وايتز

ريتشارد وايتز

ريتشارد وايتز زميل أول ومدير مركز التحليل السياسي العسكري في معهد هادسون، وهو متخصص في قضايا الأمن الدولي والعلاقات بين القوى الكبرى مثل روسيا، الصين، و الولايات المتحدة، وحصل وايتز على شهادات أكاديمية مرموقة من جامعتي هارفارد، وأكسفورد، وكلية لندن للاقتصاد، وقبل انضمامه إلى معهد هادسون في عام 2005، عمل في عدد من المؤسسات الأكاديمية والبحثية، بالإضافة إلى وزارة الدفاع الأمريكية، وله العديد من المؤلفات والكتب، والتقارير، والمقالات المتخصصة.
موضوعات أخرى
تقرير
تقرير
تقرير
تقرير
تقرير
تقرير
تقرير
تقرير
Eagle Intelligence Reports
Privacy Overview

This website uses cookies so that we can provide you with the best user experience possible. Cookie information is stored in your browser and performs functions such as recognising you when you return to our website and helping our team to understand which sections of the website you find most interesting and useful.