مناورة الولايات المتحدة في جنوب القوقاز

تقرير
ترامب خلال توقيع اتفاق سلام بين أذربيجان وأرمينيا في واشنطن في أغسطس الماضي (أ ف ب)
ترامب خلال توقيع اتفاق سلام بين أذربيجان وأرمينيا في واشنطن في أغسطس الماضي (أ ف ب)
ﺷﺎرك

تتبنّى إدارة ترامب خطة طموحة لإحلال السلام وتعزيز الازدهار وترسيخ النفوذ الأمريكي في جنوب القوقاز، حيث أدّى تراجع تأثير روسيا في المنطقة، إلى جانب غياب هياكل إقليمية قوية، إلى خلق فراغ استراتيجي جذب العديد من القوى الخارجية، غير أن الولايات المتحدة سارعت إلى استغلال الفرصة عبر البناء على الانتصارات العسكرية التي حققتها أذربيجان على أرمينيا، بهدف دفع البلدين إلى تجاوز خلافاتهما التاريخية وتحقيق مكاسب اقتصادية وأمنية من خلال تعزيز الترابط بينهما ومع أطراف أخرى.

إذا نجحت الولايات المتحدة في ترسيخ موطئ قدم جيوسياسي لها أكثر ثباتاً في جنوب القوقاز، فستتمكّن واشنطن من مواجهة روسيا بشكل أكثر فاعلية، والحد من نفوذ إيران، ومنافسة الصين، غير أنّ هذه الرؤية الجريئة ودرجة الالتزام الأمريكي غير المسبوق تعتمدان على المصالحة بين أرمينيا وأذربيجان، وهي مصالحة ما تزال هشّة ومليئة بالتعقيدات، كما أن الاستراتيجية الأمريكية تجاه جورجيا ما تزال تثير الدهشة، وغير محددة المعالم، وإلى جانب ذلك، تسعى القوى المتنافسة في هذه المنطقة الحيوية إلى تحقيق أهداف مختلفة ومتصارعة، وبالنظر إلى هذه التشابكات، من الضروري الاستعداد لسيناريوهات مستقبلية متعددة.

إذا نجحت أمريكا في ترسيخ موطئ قدم جيوسياسي لها في جنوب القوقاز فستتمكّن من مواجهة روسيا والحد من نفوذ إيران ومنافسة الصين

الترابط والتجارة والسلام

يرى القادة الأمريكيون أن أرمينيا وأذربيجان يمكنهما تحقيق مكاسب تجارية كبيرة من خلال توسيع روابطهما مع بعضهما البعض ومع المناطق الغنية بالموارد في آسيا الوسطى وحوض بحر قزوين، فبإزالة العوائق وبناء بنى تحتية جديدة، سيصبح جنوب القوقاز معبراً أفضل لنقل الطاقة والمعادن وسلعٍ أخرى من أوراسيا إلى أوروبا.

ومن منظور البيت الأبيض، فإن هذا الاعتماد الاقتصادي المتبادل سيدعم السلام، حيث سيحجم الناس عن اتخاذ أي خطوات قد تهدد ازدهارهم، وفي دائرة مغلقة، سيجعل الاستقرار المتزايد المنطقة أكثر جاذبية للاستثمارات الأجنبية وأكثر قدرة على الصمود أمام التهديدات الخارجية.

في 8 أغسطس 2025، وقّع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ورئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان، والرئيس الأذربيجاني إلهام علييف إعلاناً ينص على تطبيع العلاقات عبر معاهدة سلام، حيث يُعدّ ممر ترامب للسلام والازدهار الدولي  (TRIPP) الركيزة الأساسية للخطة الأمريكية لتحقيق السلام.

هذا الممر، الذي كان يُشار إليه سابقاً باسم “ممر زنغزور”، سيربط جيب ناخيتشيفان الأذري الواقع في جنوب أرمينيا قرب الحدود الإيرانية، ببقية أراضي أذربيجان، كما يمكن لعملية السلام أن تتيح لأرمينيا وصولاً أوسع إلى آسيا الوسطى وحوض بحر قزوين عبر فتح حدودها المغلقة منذ زمن طويل مع أذربيجان وتركيا.

رغم احتفاظ أرمينيا بسيادتها على المنطقة، ستتولّى جهات أمريكية بناء مشروع الممر، كما ستحصل على حقوق تطوير حصرية وعلى عقد إيجار لمدة 99 عاماً للمسار الممتدّ 44 كيلومتراً على طول الحدود الأرمينية–الإيرانية، وإضافةً إلى التوفيق بين المطالب الأرمينية والأذربيجانية، يمنح هذا الإطار الجديد الولايات المتحدة نفوذاً على حركة العبور بين أنحاء أوراسيا.

ومع ذلك، تبدي الإدارة الأمريكية استعداداً لأن تتولّى أطراف أخرى تمويل مشاريع تمديد الكابلات وخطوط الأنابيب والسكك الحديدية والطرق اللازمة لتوسيع الممر الدولي العابر لبحر قزوين -المعروف أيضاً بـ “الممر الأوسط”- إذ تفضّل واشنطن هذا المسار الشرقي–الغربي لأنه يتجاوز الأراضي الروسية والإيرانية أو أي مناطق أخرى خاضعة للعقوبات الأمريكية.

تطورات عدة أسهمت في تهيئة بيئة أكثر ملاءمة لتوسّع النفوذ الأمريكي في جنوب القوقاز

فرص جديدة

أسهمت تطورات عدة في تهيئة بيئة أكثر ملاءمة لتوسّع النفوذ الأمريكي في جنوب القوقاز.

ضعف القبضة الروسية

في السابق، كانت موسكو توظّف التوترات بين أرمينيا وأذربيجان للحدّ من استقلالية سياساتهما الخارجية، غير أنه في عامي 2020 و2023، ومع تدهور علاقتها بالحكومة الأرمينية الجديدة المقرّبة من الغرب، وسعيها في الوقت نفسه لتعزيز روابطها مع باكو وأنقرة، وقفت روسيا موقف المتفرّج، ما أتاح لأذربيجان هزيمة أرمينيا واستعادة إقليم ناغورني قره باغ المتنازع عليه.

لم يَعُد الأرمن يثقون بقدرة موسكو على حماية مصالحهم، وقد أقرّوا فعلياً بأن استعادة ناغورني قره باغ لم تعد ممكنة بعد فرار سكانها الأرمن، وردّاً على ذلك، علّقت يريفان مشاركتها في منظمة معاهدة الأمن الجماعي التي تقودها روسيا، وعزّزت علاقاتها مع قوى بديلة مثل الصين والولايات المتحدة، وسعت إلى تطبيع العلاقات مع أذربيجان وباكستان وتركيا، وفي يونيو، أصبح باشينيان أول رئيس وزراء أرميني يزور أنقرة منذ عقود.

في المقابل، باتت الحكومة الأذرية المنتصرة أكثر جرأة في مواجهة موسكو، فبعد أن أسقطت روسيا طائرة تابعة لخطوط أذربيجان فوق الشيشان في ديسمبر 2024، أجبرت باكو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على الاعتذار عن الحادث ودفع تعويضات.

وفي وقت لاحق، عندما اعتقلت السلطات الروسية في يكاترينبورغ أفراداً من عصابة يُزعم أنها تضمّ قوميين أذريين، ما أدى إلى وفاة شقيقين، فتحت أذربيجان قضية جنائية ضد ضباط إنفاذ القانون الروس، وألغت عدة فعاليات وزيارات مرتبطة بروسيا، ولم تهدأ الهجمات الإعلامية المتبادلة إلا بعد لقاء جمع علييف وبوتين بعد ذلك بعدة أشهر.

ربط المناطق

تستفيد الخطة الأمريكية من تعاظم الروابط بين جنوب القوقاز وآسيا الوسطى، فالدول المطلة على بحر قزوين تنفق بسخاء على البنى التحتية العابرة للأقاليم، بما في ذلك السكك الحديدية، والممرات الجوية، والعبّارات، وخطوط أنابيب الطاقة، ومؤخراً كابلات الألياف الضوئية، كما تعمل مبادرة الحزام والطريق الصينية والبنوك الإقليمية وغيرها من القوى الخارجية على تعزيز هذه الجهود.

وانعكاساً لهذه التوجهات، اعتمدت أذربيجان رسمياً كعضو سادس في الاجتماع الاستشاري السابع لرؤساء دول آسيا الوسطى في نوفمبر 2025، ما يعزّز علاقاتها القائمة من خلال رابطة الدول المستقلة ومنظمة الدول التركية.

تحديات عديدة

رغم أن الأحداث الأخيرة عززت نفوذ الولايات المتحدة في جنوب القوقاز، إلا أن الرؤية الأمريكية الشاملة تواجه عقبات كبيرة.

مشكلات النفوذ الأمريكي

الأدوات السياسية والأمنية التي يمكن للولايات المتحدة توظيفها في جنوب القوقاز محدودة، حيث تعتمد الخطط الأمريكية بشكل كبير على الدبلوماسية الشخصية بقيادة الرئيس ترامب وكبار المسؤولين الأمريكيين للحفاظ على مسار السلام بين أرمينيا وأذربيجان، ومع ذلك، يشارك فريق ترامب في نحو عشرة عمليات سلام إقليمية، ما قد يؤدي إلى تراجع اهتمامه بجنوب القوقاز.

لقد كان انخراط القيادة الأمريكية في المنطقة متقلباً، وقد يولي الرئيس الأمريكي القادم أولويات مختلفة، وعلى الرغم من متابعة مجموعات المهاجرين، والتحالفات في الكونغرس، والمصالح التجارية الأمريكية للشؤون الإقليمية، إلا أن أولويات هذه الأطراف تتباين فيما بينها ومع أولويات إدارة ترامب.

غالباً ما تستخدم الولايات المتحدة التعاون الأمني للتأثير في سياسات الحكومات الأخرى، لكن في جنوب القوقاز، تظل روسيا الشريك الأمني الأبرز لكل من أرمينيا وأذربيجان،  علاوة على ذلك، تشتري أرمينيا أنظمة أرضية متنوعة وطائرات مقاتلة متقدمة من الهند، بينما عزّزت أذربيجان واردات دفاعها التقليدية من إسرائيل وتركيا بشراء طائرات حربية من الهند وأنظمة دفاع جوي من الصين.

تستخدم أمريكا التعاون الأمني للتأثير في سياسات الحكومات الأخرى لكن في جنوب القوقاز تظل روسيا الشريك الأمني الأبرز لأرمينيا وأذربيجان

بالمثل، أثبتت المحاولات الأمريكية السابقة لفرض عقوبات على أذربيجان وجورجيا للتأثير في خيارات سياساتهما عدم جدواها، إذ فضّلت هاتان الدولتان الحفاظ على استقلاليتهما على علاقاتهما التجارية المحدودة مع الولايات المتحدة، ولن تقوم الشركات الأمريكية باستثمارات كبيرة ومستدامة في جنوب القوقاز إلا بعد تحسّن البيئة التنظيمية، والأمن الإقليمي، والعوائد المتوقعة، وحتى في حال تحسّن مناخ الأعمال، فمن المرجح أن يتجاوز رأس المال الصيني والأوروبي تمويل الولايات المتحدة بفارق كبير.

شركاء متعددون

تفسّر هذه العوامل جزئياً سبب عدم منح أي حكومة في جنوب القوقاز الأولوية لعلاقاتها مع الولايات المتحدة، فاليوم، تمارس أرمينيا وأذربيجان وجورجيا جميعها نوعاً من الدبلوماسية متعددة الاتجاهات، ولن تصبح أي من هذه الدول قريباً حليفاً للولايات المتحدة.

ترغب أذربيجان في تطوير الممر الشمالي-الجنوبي للنقل، الذي يمر عبر روسيا وإيران والهند، بالتوازي مع المحاور الشرقية-الغربية، أما مصالحة أرمينيا مع أذربيجان وتركيا، فستظل هشة حتى يوافق الأرمن في استفتاء العام المقبل على التعديلات الدستورية المقترحة التي تتخلّى عن المطالب الإقليمية.

لا تزال السياسة الأمريكية تجاه جورجيا، التي تقع على طول الممر الأوسط، غير مكتملة، فموانئ البلاد وخطوط أنابيبها وبنيتها التحتية الأخرى تربط آسيا الوسطى وبحر قزوين وبقية جنوب القوقاز بالبحر الأسود وجنوب أوروبا وشرق البحر الأبيض المتوسط، كما أن جورجيا تُعدّ واحدة من الدول السوفيتية السابقة القليلة التي تتجه نحو تعزيز علاقاتها مع روسيا، على الرغم من احتلال موسكو لخمسة أجزاء من أراضيها المعترف بها دولياً.

التصدي الروسي–الإيراني

على الرغم من تراجع قوتها، تحتفظ روسيا بوسائل كبيرة للضغط والإكراه، حيث يعمل مئات الآلاف من مواطني جنوب القوقاز في روسيا، ويرسلون تحويلات مالية كبيرة إلى أوطانهم، كما أن العديد من القادة السياسيين والإعلاميين ورجال الأعمال المحليين لديهم علاقات قوية مع روسيا، فرغم أن أرمينيا فقط هي العضو في الاتحاد الاقتصادي الأوراسي بقيادة موسكو، إلا أن الدول الثلاث تعتمد بشكل كبير على التجارة الروسية والطاقة والاستثمارات منها، وبذرائع مختلفة، علّقت شركة غازبروم تسليم الغاز إلى أرمينيا مرات عدة هذا العام.

سيستخدم الكرملين هذه الأدوات الاقتصادية لتقييد الأنشطة التجارية الأمريكية في جنوب القوقاز، وستواصل المصادر الروسية الموالية للكرملين نشر رسائل معادية للولايات المتحدة في وسائل الإعلام المطبوعة والمذاعة ووسائل التواصل الاجتماعي في المنطقة.

يمكن لموسكو استخدام أساليب أكثر مباشرة من الإكراه، فالقوات الروسية تحتفظ بمنشآت عسكرية في أرمينيا، بينما يواصل حراس الحدود الروس دورياتهم على بعض حدود أرمينيا، كما تقوم موسكو ببناء قاعدة عسكرية على البحر الأسود في أراضٍ جورجية محتلة، ورغم خلو أذربيجان من القوات الروسية، إلا أن معظم أسلحتها لا تزال تأتي من روسيا، وإذا خفت حدة الحرب الروسية–الأوكرانية، سيكون لدى موسكو المزيد من الأصول العسكرية المتاحة للضغط على حكومات المنطقة.

يشكّل جنوب القوقاز الحدود الشمالية لإيران، حيث تتميّز العلاقات مع أذربيجان بالتوتر التقليدي بسبب الروابط الوثيقة بين حكومتها وإسرائيل، بالإضافة إلى وجود الأغلبية العرقية الأذرية في شمال إيران، وبعد تعرض قادتها مؤخراً لنكسات سياسية وعسكرية في الشرق الأوسط، أصبح المسؤولون الإيرانيون أكثر حساسية تجاه الوجود الأمريكي المقترح على طول الحدود الشمالية لإيران، لما قد يسببه من اضطراب في علاقاتهم مع أرمينيا وأذربيجان (وخاصة ناخيتشيفان) ودول أخرى.

تفتقر إيران إلى وسائل أحادية الجانب لوقف توسّع الدور الأمريكي في جنوب القوقاز، ومع ذلك، يمكن لطهران التعاون مع موسكو لتعزيز النفوذ الروسي، لا سيما في أرمينيا وجورجيا.

تفتقر إيران إلى وسائل أحادية الجانب لوقف التوسّع الأمريكي في جنوب القوقاز  إلا أنه يمكنها التعاون مع روسيا لتعزيز نفوذها في أرمينيا وجورجيا

سيناريوهات المستقبل

يمكن لتطورات عدة أن تغيّر بشكل حاسم هذا التوازن بين الفرص والتحديات.

التضامن الثلاثي:

تعد الإجراءات الأمريكية لجنوب القوقاز فرصة للتعاون من أجل تحقيق مكاسب متبادلة، فقد كانت أرمينيا وأذربيجان وجورجيا، موضوع صراع بين مختلف الإمبراطوريات الفارسية والعثمانية والروسية، وفي الماضي، كانت هذه الدول الثلاث تظهر تنسيقاً محدوداً في سياساتها الخارجية، أما اليوم، فقد اعتمدت جميعها نفس النهج متعدد الاتجاهات تجاه التحالفات.

إذا تمكنت أرمينيا وأذربيجان من إدارة خلافاتهما، فسيصبح بالإمكان تعزيز التعاون مع جورجيا، ولن يؤدي ذلك فقط إلى زيادة الترابط الاجتماعي والاقتصادي بينهم، بل سيُعزز  استقلالهم وقدرتهم التفاوضية بشكل جماعي تجاه الأطراف الأخرى.

ومع ذلك، قد تؤدي السياسات الأمريكية إلى تفاقم الاختلالات في القوة بين أرمينيا وأذربيجان وجورجيا، فمكافأة أذربيجان قد تقلل من حوافز باكو لتقديم التنازلات اللازمة لتكييف الأرمن مع وضعهم الجديد، بينما قد يؤدي تجاهل جورجيا إلى تسريع التقارب بين موسكو وتبليسي، مما سيعقّد الخطط الأمريكية لجنوب القوقاز.

بدء إنشاء الطرق والسكك الحديدية ضمن ممر زنغزور (أ ف ب)
حلفاء أمريكيون غير موثوقين:

سواءٌ تعاونت الصين وتركيا أو عارضتا الأهداف الأمريكية في جنوب القوقاز، فسيؤثر ذلك بشكل كبير على تحقيقها.

تتدفق معظم التجارة والاستثمارات إلى الدول الأوراسية جنوب روسيا من الصين، حيث  وقّعت بكين شراكات استراتيجية مع أرمينيا وأذربيجان وجورجيا في السنوات الأخيرة، كما تشترك الولايات المتحدة والصين في مصالح تجارية قصيرة الأجل في توسيع نطاق النقل بين الشرق والغرب عبر جنوب القوقاز، ومع ذلك فإن قدرة الطرفين على خلق مساحات تعاون محدودة وسط خلافاتهما العديدة تظل محل شك، حيث تتمثل الطموحات طويلة المدى لبكين في ضم جنوب القوقاز إلى مجال نفوذها في أوراسيا.

تمنح تركيا حجمها الجغرافي وقربها من جنوب القوقاز قوة اقتصادية وأمنية كبيرة في المنطقة، وتتميّز العلاقات بين أذربيجان وتركيا بالقرب الشديد نتيجة الروابط العرقية والثقافية والدينية العميقة، وقد قللت موسكو من شأن تحالف تركيا–أذربيجان وقدرته على كسر الحصار الذي فرضه الكرملين في جنوب القوقاز، كما أصبحت تركيا واحدة من أهم الشركاء الدبلوماسيين والاقتصاديين لجورجيا.

تُعد تركيا الحليف الرسمي الأكثر تأثيراً للولايات المتحدة في جنوب القوقاز، فهي تستضيف وجوداً عسكرياً أمريكياً كبيراً وتتعاون مع واشنطن في ملفات ساخنة عدة في أوروبا والشرق الأوسط، ومع ذلك، غالباً ما تسلك أنقرة مسارها الخاص في القضايا الأوراسية، لا سيما تجاه روسيا، وقد ترفض تركيا الانخراط في خطط واشنطن لفتح حدودها مع أرمينيا، ما قد يحدّ من المكاسب الإقليمية الناتجة عن التجارة.

ترفض تركيا الانخراط في خطط واشنطن لفتح حدودها مع أرمينيا ما قد يحدّ من المكاسب الإقليمية الناتجة عن التجارة

تغييرات داخلية:

رغم أن حكومات جنوب القوقاز الثلاث اتخذت تدابير لتحييد المعارضة الداخلية والحد من التدخل الأجنبي في سياساتها الداخلية، إلا أن جورجيا وأرمينيا تشهدان سجلاً حافلاً بعدم الاستقرار السياسي في فترة ما بعد الاتحاد السوفيتي.

إذا استبدلت المعارضة الديمقراطية في جورجيا الحكومة الموالية للكرملين، يمكن للولايات المتحدة دمج جورجيا بشكل أوسع في استراتيجيتها الإقليمية، وعلى العكس، إذا أسفرت الانتخابات الأرمنية الصيف المقبل عن صعود حكومة قومية متشددة أو موالية لروسيا، أو رفض الناخبون الأرمن التعديلات الدستورية المقترحة التي تطالب بها باكو وأنقرة، فقد تفقد واشنطن دورها البارز كوسيط بين باكو ويريفان.

بالمحصلة، إن سعي الولايات المتحدة إلى إعادة تشكيل العلاقات الدولية في جنوب القوقاز متوقع، نظراً للأهمية الجيواقتصادية للمنطقة، الواقعة بين أوروبا وآسيا والشرق الأوسط، وهي جميعها مناطق ذات أولوية في السياسة الخارجية الأمريكية، لكن يجب على واشنطن التغلب على عقبات عدة لتحقيق طموحاتها الإقليمية.

ريتشارد وايتز

ريتشارد وايتز

ريتشارد وايتز زميل أول ومدير مركز التحليل السياسي العسكري في معهد هادسون، وهو متخصص في قضايا الأمن الدولي والعلاقات بين القوى الكبرى مثل روسيا، الصين، و الولايات المتحدة، وحصل وايتز على شهادات أكاديمية مرموقة من جامعتي هارفارد، وأكسفورد، وكلية لندن للاقتصاد، وقبل انضمامه إلى معهد هادسون في عام 2005، عمل في عدد من المؤسسات الأكاديمية والبحثية، بالإضافة إلى وزارة الدفاع الأمريكية، وله العديد من المؤلفات والكتب، والتقارير، والمقالات المتخصصة.
موضوعات أخرى
تقرير
تقرير
تقرير
تقرير
تقرير
تقرير
تقرير
تقرير
Eagle Intelligence Reports
Privacy Overview

This website uses cookies so that we can provide you with the best user experience possible. Cookie information is stored in your browser and performs functions such as recognising you when you return to our website and helping our team to understand which sections of the website you find most interesting and useful.