مناورة ترامب في الكاريبي وحدود القوة الأمريكية

تقرير
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الفنزويلي نيكولاس مادورو (أ ف ب)
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الفنزويلي نيكولاس مادورو (أ ف ب)
ﺷﺎرك

المواجهة الكلامية والعسكرية بين الولايات المتحدة وفنزويلا، تتجاوز بكثير الخلاف حول تهريب المخدرات والديموقراطية؛ فهي في جوهرها اختبار لمدى قدرة الرئيس دونالد ترامب على بسط النفوذ الأمريكي داخل نصف الكرة الغربي، دون أن يترك وراءه أزمات تفوق تلك التي يسعى إلى معالجتها.

ومع تمركز حاملة الطائرات الأمريكية «يو إس إس جيرالد فورد» قبالة السواحل الفنزويلية، أطلقت وزارة الدفاع في عهد ترامب ما عُرف بـ«عملية الرمح الجنوبي»، في أكبر حشد عسكري تشهده المنطقة منذ الغزو الأمريكي لبنما عام 1989، حيث تشير تقارير متعدّدة إلى أن الولايات المتحدة بات لديها نحو 15 ألف جندي منتشرين في منطقة الكاريبي أو في محيطها.

بشكل رسمي، يقول ترامب إنّه أرسل القوات الأمريكية إلى هناك لمواجهة ما يصفه عصابات المخدرات الإرهابية في فنزويلا، والتي تؤكد واشنطن أنّها في حالة حرب معها، ومن خلال اتهام شبكات تهريب كبرى، مثل: كارتل دي لوس سوليس، بنقل مخدرات تضرّ بالمواطنين الأمريكيين، يسعى ترامب إلى رفع صفة مهرّبي المخدرات من مجرمين عاديين إلى مقاتلين، وهو توصيف يجعلهم أهدافاً عسكرية مشروعة بدلاً من خاضعين لقانون جنائي، ويرى بعض الخبراء أنّ هذا التصنيف غير قانوني، ويُستخدم للالتفاف على شرط الحصول على موافقة الكونغرس للتدخل.

في المقابل، يذهب آخرون إلى أنّ الحرب على المخدرات ليست سوى غطاء لهدف أوسع يتمثّل في إسقاط الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، وتوجيه رسالة تؤكد هيمنة الولايات المتحدة على نصف الكرة الغربي، الذي لطالما اعتبرته مجالها الحيوي.

الحرب على المخدرات ليست سوى غطاء لهدف أوسع يتمثّل في إسقاط مادورو وتوجيه رسالة تؤكد هيمنة الولايات المتحدة على نصف الكرة الغربي

بداية التصعيد

نفّذت القوات الأميركية ضربات استهدفت سفناً في البحر الكاريبي وشرق المحيط الهادئ، في عمليات أثارت إحداها تساؤلات قانونية خطيرة؛ إذ قامت القوات الأميركية بقصف سفينة مرتين، أدى إلى مقتل شخصين كانا متشبثين بحطامها، في فعل قد يرقى إلى جريمة حرب.

كما استولت القوات الأمريكية، من دون تسجيل أي إصابات، على ناقلة نفط كانت تحمل شحنة متجهة إلى كوبا والصين، في خرق للعقوبات الأمريكية المفروضة عليهما، وأصبحت الناقلة منذ ذلك الحين تحت السيطرة الأمريكية، حيث تعتزم الاحتفاظ بالنفط الموجود فيها، وفق ما أفاد به البيت الأبيض.

أثار الهجوم الثاني الذي أسفر عن مقتل ناجيين اثنين جهوداً نادرة من الحزبين في واشنطن لتحديد الجهة التي أصدرت الأمر بتنفيذه، ورغم تشكيك النقاد في شرعية اعتبار تهريب المخدرات عملاً حربياً، ركزت لجنتا القوات المسلحة في مجلسي النواب والشيوخ، بقيادة الجمهوريين، تحقيقاتهما على الضربة المزدوجة، ولا تزال شرعية الاستراتيجية الأساسية التي دفعت القوات الأمريكية إلى التواجد هناك دون مبرر، وبغض النظر عن نطاق التحقيق، فمن المؤكد أن تداعيات التوترات المستمرة ستتجاوز حدود كاراكاس بكثير.

تجري القوات الأمريكية عمليات قتالية في منطقة من العالم تتقاطع فيها الأزمات الإقليمية مع المنافسة الجيوسياسية، وضعف أسواق الطاقة، وعدم الاستقرار السياسي، ومن السهل إدراك كيف يمكن أن يتحول سوء تقدير أو خطأ غير مقصود بسرعة إلى حرب أوسع قد تعيد تشكيل العلاقات بين نصفي الكرة الأرضية بشكل أكثر جوهرية مما حدث منذ الحرب الباردة.

يقول أندرو لاثام، أستاذ العلاقات الدولية والسياسة في كلية ماكالستر، في تقييم نشره نشرته مجلة الأمن القومي: إن “الولايات المتحدة ليست على مسار محدد مسبقاً نحو الحرب مع فنزويلا، لكنّها تقترب من خط يمكن تجاوزه عن غير قصد سواء بسبب طيار متحمس، أو قائد ميليشيا متوتر، أو حاجة سياسية للظهور بمظهر ثابت على شاشة التلفزيون”.

الاتصال الهاتفي الأخير بين ترامب ومادورو يوضح كيف وضع كل من الرئيسين نفسيهما في مواجهة قد تدفع كلا القائدين بسهولة نحو اتخاذ إجراءات أكثر تصعيداً، ووفقاً لمعظم التقارير، فقد بادر البيت الأبيض بإجراء الاتصال في 21 نوفمبر كجهد أخير لتجنب مواجهة عسكرية مباشرة بين البلدين.

العفو مقابل الخروج

بحسب عدة تقارير، وجّه ترامب إنذاراً نهائياً لمادورو: “الاستقالة فوراً، مقابل ضمان أمريكا مروره الآمن إلى بلد ثالث هو وزوجته وابنه”، فردّ مادورو مطالباً بعفو شامل، ورفع جميع العقوبات الأمريكية، وإسقاط الدعوى الجنائية الدولية المرفوعة ضده، وتخفيف العقوبات عن عدد من المسؤولين الفنزويليين، فرفض ترامب معظم طلبات مادورو، ومنحه مهلة أسبوع للمغادرة.

 لكن مادورو بقي على موقفه، بل بمجرد أن أصبح الاتصال علنياً، حتى عقد تجمعاً حاشداً ورقص أمام أنصاره في تحدٍّ واضح، فبدلاً من تسوية خلافاتهما، وضعت الدعوة الزعيمين في موقف حرج، حيث ينطوي أي تراجع على مخاطر جسيمة.

الآن، يجب على ترامب إثبات مصداقية تهديداته، أما إذا أراد مادورو، البقاء في السلطة، فيجب أن يصمد أمام الضغوط ويعزز موقعه، وهو عمل من شأنه إحراج الولايات المتحدة على الساحة العالمية، التي يراقبها خصوم أمريكا عن كثب، وخصوصاً الصين.

يجب على ترامب الآن إثبات مصداقية تهديداته أما إذا أراد مادورو البقاء في السلطة فيجب أن يصمد أمام الضغوط ويعزز موقعه

حتى الآن، لم يتدخل أي طرف ثالث لمنع تصاعد الوضع أكثر، ويبدو أن الخيار الأمثل هو البرازيل المجاورة، حيث انتقد رئيسها، لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، الانتشار الأمريكي في منطقة الكاريبي، لكنه عرض استخدام علاقاته مع الطرفين للتوسط في أي نزاعات، ومع ذلك، لم تُسفر جهوده عن أي نتيجة، ما ترك الطرفين عند أدنى درجات سلم التصعيد، مع وجود عتبات محددة قد تزيد الأمور سوءاً.

العمليات البحرية

حالياً، لا تزال العمليات عند مستوى الاعتراض، حيث تستهدف القوات البحرية سفناً يُشتبه في تورطها بتهريب المخدرات في المياه الدولية، أما الخطوة التالية في مسار التصعيد فستتضمن ضربات محددة ضد أصول عسكرية فنزويلية، مثل منشآت الرادار، ومواقع الدفاع الساحلي، أو القواعد الجوية، وقد لمح الرئيس ترامب إلى أن الولايات المتحدة قد تبادر بشن هجمات داخل فنزويلا.

والخطوة التالية منطقياً ستكون فرض منطقة حظر جوي أو حصار بحري، لكن كلا الخيارين يُعد عملاً حربياً بموجب القانون الدولي ويتطلب موافقة الكونغرس.

وفي منشور عبر حسابه في منصة “تروث سوشيال”، كتب الرئيس دونالد ترامب أن إدارته صنّفت النظام الفنزويلي منظمة إرهابية أجنبية، متهماً إياه بتمويل نفسه من خلال ما وصفه بحقول نفط مسروقة، وتهريب مخدرات، وتهريب بشر، وإرهاباً، وأمر بما أسماه “حصاراً تاماً وكاملاً” على جميع ناقلات النفط الخاضعة للعقوبات التي تدخل فنزويلا أو تغادرها، مدعياً أن البلاد الآن “محاصرة تماماً بأكبر أسطول بحري تم تجميعه في تاريخ أمريكا الجنوبية”.

يمثل هذا الإعلان تصعيداً دراماتيكياً من عمليات الحظر البحري إلى تدابير يمكن تفسيرها، بموجب القانون الدولي، على أنها أعمال حرب، ما يضيق بشكل كبير مجال خفض التصعيد.

كما أن أي هجوم فنزويلي على القوات الأمريكية، أو سقوط ضحايا مدنيين نتيجة ضربات جوية أمريكية، أو تهديد مباشر لخطوط الملاحة التجارية، قد يشكل جميعه شرارات تؤدي إلى التصعيد.

ما يجعل سلم التصعيد غير مستقر، وهو أن أياً من الطرفين لا يسيطر على من قد يقوم بالخطوة التالية، فقد يؤدي قائد زورق دورية مذعور أو طيار أمريكي جريء عن غير قصد إلى إشعال القتال، ما يضطر الرئيسين إلى اتخاذ خطوات تجعل اللجوء إلى القوة أمراً لا مفر منه، ويصعب التراجع عنه.

رغم أن المواجهة بين البلدين تجري في المياه الدولية، إلا أن التوترات المتأزمة تنبع من أمر أكثر واقعية، وهو سياسات ترامب الداخلية في مجال الأمن القومي، ففي وقت سابق من العقد الحالي، تدفق الفنزويليون الفارون من حكومة مادورو الفاسدة وغير الكفؤة إلى الحدود الجنوبية للولايات المتحدة، والتي جعل ترامب حمايتها قضية رئيسية في حملته وركيزة من ركائز حركته “اجعلوا أمريكا عظيمة مرة أخرى”، وعندما تولى المنصب، شن الرئيس حملة قمع غير مسبوقة ضد المهاجرين، موجّهاً أشد خطاباته إلى الفنزويليين.

الأهداف الأمريكية في الكاريبي

تشير استراتيجية الأمن القومي الأمريكية التي أصدرها الرئيس مؤخراً إلى أن تهديدات ترامب لمادورو وفنزويلا ليست مجرد خروج عن النص، فهي توضح أهدافه في نصف الكرة الغربي، قائلة: «نريد ضمان استقرار وإدارة معقولة لمنع وتشجيع الهجرة الجماعية إلى الولايات المتحدة».

 وبما يتماشى مع دمج ترامب للمصالح التجارية والدبلوماسية، تنص الوثيقة على أن حكومات الأمريكيتين، التي لديها استثمارات صينية كبيرة، ستُستثمر للسيطرة على الهجرة وتهريب المخدرات، ومن المتوقع أن تمنح الولايات المتحدة سيطرة على أصول واستثمارات استراتيجية أو حق الاعتراض على «الملكية الأجنبية المعادية»، مع تحذير ضمني لرفض الاستثمارات الصينية التي تمنح نفوذاً على الموانئ أو أصول مثل قناة بنما، وحيث فشل إنفاذ القانون في وقف تهريب المخدرات، ستستخدم الولايات المتحدة قواتها المسلحة، كما حدث في الكاريبي.

رغم تأييد بعض دول أمريكا اللاتينية لنشر القوات الأمريكية، إلا أنها لا تتفق على أن دافع ترامب هو وقف تهريب المخدرات أو إرساء الديمقراطية في فنزويلا، ويقول الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو: إن النفط “في صميم” حملة الضغط الأمريكية، حيث تمتلك فنزويلا أكبر احتياطيات نفطية مؤكدة في العالم، لكنها لا تنتج سوى مليون برميل يومياً، أي أقل من واحد بالمئة من الإنتاج العالمي من النفط الخام، فعقود من سوء الإدارة والفساد والعقوبات تحدّ من صادرات النفط الفنزويلية، التي تتجه في معظمها إلى الصين.

رغم تأييد بعض دول أمريكا اللاتينية لنشر القوات الأمريكية إلا أنها لا تتفق على أن دافع ترامب هو وقف تهريب المخدرات أو إرساء الديمقراطية في فنزويلا

ويعتقد بيترو أن دافع ترامب الحقيقي يكمن في الوصول إلى الاحتياطيات واستغلالها، لا في تحرير فنزويلا من رئيس مستبد أو في وقف تهريب المخدرات.

يواجه هدف ترامب المعلن عقبات منطقية، فالسبب الذي يذكره الرئيس بشأن تحركاته في منطقة الكاريبي هو وقف تدفق الفنتانيل إلى الولايات المتحدة، الذي يضر بالمواطنين الأمريكيين، ولكن إذا كان هذا هو الهدف، فهو يستهدف القوارب الخاطئة، إذ تُعد فنزويلا نقطة عبور للكوكايين الذي يذهب أساساً إلى الأسواق الأوروبية، وليس الأمريكية، بينما يأتي معظم الفنتانيل عبر المكسيك، علاوة على ذلك، وقع ترامب أمراً تنفيذياً يصنف الفنتانيل رسمياً كسلاح دمار شامل، واصفاً المخدر بأنه أكثر تدميراً من القنبلة.

والسؤال الجوهري الذي طغى عليه خطاب ترامب هو: ما شكل النصر في مواجهة مادورو؟، تتأرجح أهداف الإدارة بشكل غامض بين تغيير النظام، وتعديل السلوك، والردع، فإذا كان الهدف هو الإطاحة بمادورو، فماذا بعد؟، إلى أين سيذهب، ومن سيخلفه؟.

إذا كان الهدف هو تعديل السلوك، فسيضطر مادورو إلى الحد من تهريب المخدرات، وتقليل تدفقات الهجرة، والابتعاد عن روسيا والصين وإيران، فهل يمكن الوثوق به لاتخاذ مثل هذه الخطوات؟، وإذا كان النجاح المقصود هو الردع، فيجب أن تجعل أي تحركات زعماء نصف الكرة الغربي الآخرين مترددين في تحدي أمريكا التي بدأت الآن فرض نفوذها في منطقتهم.

المعادلات الجيوسياسية المعقدة

تسيطر المعادلات الجيوسياسية المعقدة على نصف الكرة الغربي وتزيد من صعوبة تحركات ترامب ضد مادورو، وبالنظر إلى العديد من مغامرات أمريكا الإمبريالية السابقة والانقلابات التي دعمتها وكالة الاستخبارات المركزية، ينتقد قادة البرازيل والمكسيك وكولومبيا -وهم شركاء أساسيون في أي محاولة لإسقاط مادورو- الانتشار الأمريكي، فالرئيس البرازيلي، المعروف شعبياً بلولا، يرفض التدخل الأجنبي في المنطقة وقد انتقد علناً حشد الجيش الأمريكي في الكاريبي، أما رئيس كولومبيا بيترو، الذي لا يعترف بشرعية انتخاب مادورو، فقد اتهم ترامب بـ«القتل» و«أعمال استبدادية».

وتشترك كولومبيا في حدود طويلة مع فنزويلا وتستضيف نحو ثلاثة ملايين لاجئ فنزويلي، فيما تواجه البرازيل وضعاً مشابهاً، إذ يخشى البلدان من أن يؤدي استمرار العدوان الأمريكي إلى تدفق موجات جديدة من اللاجئين والمقاتلين عبر حدودهما الطويلة مع فنزويلا.

الدعم الشعبي الذي يحظى به مادورو داخل بلده ضعيف أيضاً، حيث كان قادة المعارضة يأملون أن تؤدي الضغوط الأمريكية إلى انشقاقات وظهور معارضة داخل صفوف الجيش، لكن هذا لم يحدث بعد، وتبدو احتمالات حدوثه ضعيفة.

يقف وزير الدفاع فلاديمير بادرينو لوبيز وقادة عسكريون آخرون إلى جانب مادورو كما فعلوا في السابق، حيث يضمن مادورو ولاء الجيش من خلال سياسة الترغيب والترهيب حيث يكافئ الضباط بصفقات مخدرات، ونفط، وسلع أخرى، حيث يشتري الولاء بالغنائم فيجعلهم شركاء نشطين في مخططاته ومعرضين للخطر، ومن خلال وصف الجيش الفنزويلي بأنه جزء من منظمة إجرامية، تمنح الولايات المتحدة الضباط حافزاً ضئيلاً للانشقاق، إذ قد يواجهون خطر الملاحقة القضائية المستقبلية.

حاملة الطائرات الأمريكية «يو إس إس جيرالد فورد» تتمركز قبالة السواحل الفنزويلية (أ ف ب)
لا ينبغي الاستهانة بمادورو

رد مادورو على تكثيف الهجمات الأمريكية بتعبئة ضخمة للقوات العسكرية والأسلحة والمعدات والاحتياطيات اللازمة لمواجهة ما وصفه دفاعه بـ«التهديد الإمبريالي»، ومن المفارقات أن حملة ترامب يبدو أنها عززت قبضته على السلطة، فبالرغم من وجود حركة معارضة داخلية قوية تمثلها ماريا كورينا ماتشادو، الحائزة على جائزة نوبل للسلام، حيث يميل الفنزويليون، مثل كثير من الأمريكيين اللاتينيين، إلى تبني عقلية «الالتفاف حول العلم» عند التهديد من قوى خارجية.

لا ينبغي الاستهانة بمادورو أيضاً، فرغم تفوق أمريكا العسكري التقليدي الساحق، إلا أن مادورو يستطيع فرض تكاليف على الولايات المتحدة وشركائها الإقليميين، حيث تُعد الهجرة سلاحاً سياسياً قوياً يمكنه استغلاله؛ إذ يمكنه عمداً تنظيم موجات من اللاجئين إلى كولومبيا والبرازيل، ما يزعزع استقرار الدول المجاورة، والأمر الأكثر إثارة للقلق هو قدرته على تفعيل شبكات المنظمات الإجرامية في أمريكا الوسطى والجنوبية، ما يؤدي إلى إغراق طرق التهريب بالمخدرات والأسلحة والبضائع المهربة، وخلق حالة من الفوضى تتجاوز حدود فنزويلا.

لا ينبغي الاستهانة بمادورو فرغم تفوق أمريكا العسكري التقليدي الساحق إلا أنه يستطيع فرض تكاليف على الولايات المتحدة وشركائها الإقليميين

سيناريوهات محتملة

ربما تكون أكثر العواقب عمقاً لأزمة فنزويلا هي ما تكشفه عن حدود القوة الأمريكية داخل نصف الكرة الغربي، فالأمريكيون قادرون على تدمير الجيش الفنزويلي وقتل مادورو أو ترحيله، لكن ما لا يمكنهم فعله دون تعاون الدول الأخرى في المنطقة هو إيجاد بديل مستقر لمادورو، أو منع تداعيات الأزمة التي تقوض مصالح أمريكا الخاصة.

وتعكس مناورة فنزويلا اللامبالاة والمخاطر التي تفرضها سياسة “أمريكا أولاً” وانتهجها ترامب على التحالفات التي تحتاجها الولايات المتحدة للمساعدة في حفظ السلام.

الشلل الدبلوماسي يترك للمنطقة أربعة مسارات للمضي قدماً، أكثر السيناريوهات احتمالاً هو الجمود المستمر، حيث لا يحقق أي طرف أهدافه، وفي الوقت نفسه لا يواجه أي فشل كارثي، أما المسار الأكثر خطورة فهو زيادة الضغط الأمريكي المحسوب على فنزويلا، والمسار الثالث المحتمل هو خطأ في التقدير يؤدي إلى تصعيد سريع يفوق السيطرة، وأقلها احتمالاً لكنه الأكثر رغبة هو التوصل إلى تسوية دبلوماسية برعاية القوى الإقليمية.

جيمس أوشيا

جيمس أوشيا

جيمس أوشيا، صحفي ومؤلف أمريكي حائز على عدة جوائز، وشغل سابقاً منصب رئيس التحرير لصحيفة لوس أنجلوس تايمز، ومدير التحرير لصحيفة شيكاغو تريبيون، كما شغل منصب رئيس مجلس إدارة شبكات البث في الشرق الأوسط (MBN). وهو مؤلف لثلاثة كتب، من بينها "الصفقة من الجحيم". يحمل درجة الماجستير في الصحافة من جامعة ميسوري.
موضوعات أخرى
تقرير
تقرير
تقرير
تقرير
تقرير
تقرير
تقرير
تقرير
Eagle Intelligence Reports
Privacy Overview

This website uses cookies so that we can provide you with the best user experience possible. Cookie information is stored in your browser and performs functions such as recognising you when you return to our website and helping our team to understand which sections of the website you find most interesting and useful.