أفغانستان تعود إلى قلب الأمن الأوراسي

تقرير
طالبان تحتفل بانسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان في قاعدة باغرام العام الماضي (أ ف ب)
طالبان تحتفل بانسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان في قاعدة باغرام العام الماضي (أ ف ب)
ﺷﺎرك

أثار طلب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، باستعادة السيطرة على قاعدة باغرام الجوية في أفغانستان، معارضة إقليمية واسعة، ورغم أنه لا يخلو من منطق استراتيجي، إلا أن عقبات كبيرة تحول دون تحقيق مثل هذه الاستعادة في المدى القريب، إذ يمكن للولايات المتحدة أن تتبنى مساراً أكثر جدوى من خلال السعي إلى التعاون في قضايا أمنية أقل إثارة للجدل، فمثل هذا النهج سيواجه مقاومة أقل، وسيضع الولايات المتحدة في موقع أفضل للتعامل مع سيناريوهات أمنية مستقبلية تتركز حول أفغانستان.

 إعادة إدراج أفغانستان، إلى جانب قاعدة باغرام، في التفكير الاستراتيجي لواشنطن قد يشير أيضاً إلى تصاعد انخراط الولايات المتحدة في الساحة الأوراسية، حيث تقع أفغانستان عند ملتقى غرب آسيا ووسطها وجنوبها، وتشترك في حدود مع إيران وثلاث جمهوريات سوفييتية سابقة وباكستان والصين، وبفضل موقعها الجغرافي المميز، يمكن لكابول أن تكون نقطة تقاطع في الجبهة الأمنية والاستخباراتية لأوراسيا الوسطى، كما أنها تتيح لمنافسي الولايات المتحدة، الذين يسعون إلى استغلال إمكاناتها الاقتصادية ومواقعها الاستراتيجية، فرصاً للوصول وتوفير الدعم اللوجستي وبسط النفوذ في آسيا الوسطى وما وراءها.

يستعرض هذا التحليل، المنطق الاستراتيجي وراء رغبة الولايات المتحدة في تجديد وجودها العسكري في أفغانستان، ثم يُحلل التحديات التي تواجه هذه الاستعادة وكيف يُمكن للولايات المتحدة مواجهتها، ويختتم بتقييم عن الكيفية التي قد يؤدي بها تجديد الدور الأمني الأمريكي إلى نشوء سيناريوهات أمنية متعددة تتعلق بأفغانستان.

ترامب يريد العودة

أعاد ترامب تسليط الضوء على أفغانستان في واشنطن، ففي أعقاب الانسحاب العسكري الأمريكي الفاشل عام 2021 والقمع اللاحق للمجتمع المدني الأفغاني من قبل طالبان، فقد المسؤولون الأمريكيون المحبطون اهتمامهم بالبلاد إلى حد كبير، حيث يقود النظام في أفغانستان متشددون دينيون متمركزين في قندهار، ويتمتعون بسلطة أكبر من القيادة السياسية في كابول، وقد انتهك النظام التزاماته بالإصلاح وفق اتفاق الدوحة وقمع النساء والأقليات الدينية.

في أعقاب الانسحاب العسكري الأمريكي الفاشل عام 2021 والقمع اللاحق للمجتمع المدني الأفغاني من قبل طالبان فقد المسؤولون الأمريكيون المحبطون اهتمامهم بالبلاد إلى حد كبير

يعتقد ترامب أنه يمكنه الجمع بين الإكراه والحوافز لإجبار طالبان على تقديم تنازلات، لكن بينما يسعى نظام طالبان إلى إعادة الانخراط دبلوماسياً، وإنهاء العقوبات، وتأمين المساعدات الاقتصادية، ومنع التدخل في شؤونها الداخلية، يستمر الشعب الأفغاني في المعاناة من الفقر والبطالة وانعدام الأمن الغذائي على نطاق واسع.

 وفي الأشهر الأخيرة، تم ترحيل نحو مليوني لاجئ، أغلبهم من المبعدين من قبل إيران وباكستان، ما زاد من الضغط على الاقتصاد، حيث تواصل الأمم المتحدة وكيانات أخرى تقديم المساعدات الإنسانية الطارئة لمساعدة الأفغان على تلبية احتياجاتهم الأساسية، مثل الغذاء والتعليم والرعاية الصحية، ومع ذلك، فإن غياب التوافق الدولي حال دون تعبئة المساعدات التنموية أو القروض طويلة الأجل، وفي الوقت نفسه، قامت إدارة ترامب بتجميد الأصول الأجنبية لأفغانستان وتقييد المساعدات الاقتصادية المقدمة للبلاد.

لماذا باغرام؟

برر ترامب مطلبه باستعادة قاعدة باغرام بالاستعداد لصراعات محتملة مع الصين، لكن استعادة القاعدة ستوفر للولايات المتحدة أصول استراتيجية عدة، ففي ذروة حربها في أفغانستان، قامت وزارة الدفاع الأمريكية بنشر عشرات الآلاف من الجنود والمقاولين الأمريكيين في باغرام، وبفضل مدارجها الطويلة وملاجئها المحصنة، وفرت القاعدة دعماً حيوياً للقوة الجوية الأمريكية وجمع المعلومات الاستخباراتية في جميع أنحاء البلاد، كما أن مكانة باغرام جعلتها رمزاً للقوة العسكرية الأمريكية في قلب أوراسيا.

جنوود أفغانيون أمام مدخل قاعدة باغرام الجوية (أ ف ب)

 تتيح استعادة قاعدة باغرام للولايات المتحدة إمكانية مراقبة العديد من الجماعات الإرهابية الأوراسية الموجودة في أفغانستان وباكستان وآسيا الوسطى، وضربها عند الحاجة، وقد خلص فريق المراقبة التابع لمجلس الأمن للأمم المتحدة المعني بلجنة عقوبات طالبان إلى أن تنظيمي القاعدة، والدولة الإسلامية في العراق والشام – ولاية خراسان (داعش-خراسان)، وحركة طالبان باكستان، وجماعات إرهابية عابرة للحدود الأخرى، موجودة في أفغانستان.

وبين الفريق أنه لا يزال مدى تلقي هذه الجماعات الدعم من قيادة طالبان غير واضح، لكن بعض أعضائها قاتلوا معاً لسنوات عديدة، كما فشلت حملة القصف المكثفة التي شنتها داعش في المناطق الحضرية في منع نظام طالبان من ترسيخ سلطته، ومع ذلك، استغل التنظيم معاقل قوية، خاصة في شمال أفغانستان، لتنفيذ هجمات إرهابية قاتلة في عدة دول أوراسية.

يمكن أن تسهّل قاعدة باغرام الجوية أيضاً العمليات العسكرية الأمريكية المحتملة ضد إيران وروسيا والصين، ونظراً لأن أفضل الدفاعات الإيرانية والروسية موجهة نحو الغرب، لذلك فإن وجود قاعدة تهدد إيران من الشرق وروسيا من الجنوب سيضغط على دفاعاتهما ويزيد الخيارات المتاحة للولايات المتحدة.

وفي الوقت نفسه، يقع جزء كبير من بنية الصين التحتية للأسلحة النووية قرب حدودها الغربية البعيدة، التي تشترك في الحدود مع أفغانستان، حيث يمكن للطائرات والسفن الأمريكية المتمركزة في المحيط الهادئ مراقبة الأنشطة العسكرية على الساحل الشرقي للصين بانتظام، لكن يمكن للولايات المتحدة تقييم أو توجيه ضربات أفضل للداخل الغربي للصين من أفغانستان.

يعكس إعادة إدراج قاعدة باغرام الجوية في الاستراتيجية العسكرية الأمريكية، تساؤلاً مهماً حول: كيف يمكن للموقع الجغرافي المهم أن يوفر ميزة استراتيجية غير متكافئة؟، فالحجم الهائل للقوات المسلحة الأمريكية وحده لا يجعل الولايات المتحدة أقوى قوة عسكرية في العالم، فشبكة البنتاغون العالمية من القواعد العسكرية تعد بالغة الأهمية لبسط نفوذ الولايات المتحدة في العالم، إذ ستمنح استعادة السيطرة على قاعدة باغرام الولايات المتحدة ميزةً كبيرةً في جمع المعلومات الاستخباراتية، والقدرة على الاستجابة السريعة، وإدارة الأزمات في قلب أوراسيا، حيث يوجد أقوى الخصوم المحتملين للولايات المتحدة، وإذا تمكنت واشنطن من استعادة باغرام، فستستعيد موقعاً استراتيجياً فريداً لإسقاط النفوذ الإقليمي والتنافس على السلطة.

استعادة السيطرة على قاعدة باغرام يمنح أمريكا ميزةً في جمع المعلومات الاستخباراتية والاستجابة السريعة وإدارة الأزمات في قلب أوراسيا

بكين وموسكو تريدان خروج الولايات المتحدة

أعاد تجديد الاهتمام الأمريكي بإقامة وجود عسكري في أفغانستان إحياء المخاوف الكامنة لدى الصين وروسيا، بشأن الطموحات العسكرية للولايات المتحدة في وسط أوراسيا، ففي اجتماع مشاورات صيغة موسكو في وقت سابق من هذا الشهر، دفعت الصين وروسيا جيران أفغانستان الآخرين، وهم الهند وإيران وكازاخستان وقيرغيزستان وباكستان وطاجيكستان وأوزبكستان، إلى معارضة هذا الاهتمام علناً.

قبل تصريح ترامب الأخير، كان موقف الحكومة الأمريكية تجاه النمو التدريجي للعلاقات بين الصين وروسيا مع طالبان مهمشاً إلى حد ما، وفي يوليو، أصبحت موسكو أول حكومة تعيد العلاقات الرسمية مع نظام طالبان، رغم الدعوات الشكلية لتبني حكومة أكثر شمولية تشمل المزيد من النساء والأقليات العرقية، ولكن رغم أن بكين لم تحذ بعد حذو موسكو، إلا أنها قبلت أوراق اعتماد سفير معين من طالبان في العام السابق، كما نظمت الصين عدة اجتماعات بين ممثلين أفغان وباكستانيين للتوسط في نزاعاتهم.

إلى جانب معارضتهما المشتركة للولايات المتحدة، كانت مكافحة الإرهاب أولوية لكل من بكين وموسكو، وكان من الأهداف الأمنية الرئيسية لجمهورية الصين الشعبية مكافحة الانفصاليون والإرهاب والتطرف الديني، إذ تخشى السلطات الصينية من أن تُقوّض هذه “القوى الشريرة الثلاث” مبادرة الحزام والطريق الصينية وتُعرّض حدودها وأمنها الداخلي للخطر.

 وقد شعر صانعو السياسات الروس بالقلق إزاء فشل طالبان في القضاء على التهديد الإرهابي الذي يُمثّله تنظيم داعش-خراسان، حيث عمل التنظيم في جميع أنحاء أوراسيا، ونفّذ أبرز هجوم إرهابي في روسيا منذ سنوات، وفي مارس الماضي، دمّر قاعة حفلات كروكس سيتي هول خارج موسكو، ما أسفر عن مقتل أكثر من مائة شخص وإصابة المئات، واكتسب العديد من مقاتلي تنظيم داعش-خراسان خبرة عسكرية في قتال نظام بشار الأسد المدعوم من موسكو في سوريا، وقد رأى صانعو السياسات الصينيون والروس أن التعاون مع طالبان وتعزيز قدراتها الأمنية الداخلية يُمكن أن يُعزّز مصالحهم على أفضل وجه.

صانعو السياسات الصينيون والروس يرون أن التعاون مع طالبان وتعزيز قدراتها الأمنية الداخلية يُمكن أن يُعزّز مصالحهم على أفضل وجه

لدى الصين وروسيا أيضاً أهداف اقتصادية طويلة المدى فيما يتعلق بأفغانستان، فإلى جانب حكومات آسيا الوسطى، تتطلع بكين وموسكو إلى استغلال الموارد الطبيعية للبلاد ودمج الأراضي الأفغانية في شبكات النقل الإقليمية.

وقد دعا دبلوماسيون صينيون وروس الولايات المتحدة إلى الإفراج عن الأموال الأفغانية المجمدة وتقديم مساعدات إنمائية كبيرة للبلاد، فمن شأن تحسن الاقتصاد الأفغاني أن يوفر فرصاً تجارية لروسيا والصين وشركائهما الإقليميين، ومع ذلك، بينما تسعى كل من الصين وروسيا إلى إنشاء حاجز أمني ضد الإرهابيين والتهديدات الأخرى الصادرة من أفغانستان، سعت بكين بنشاط أكبر إلى اغتنام الفرص الاقتصادية المتعلقة بالبلاد، إذ حرصت بشكل خاص على توسيع مشروعها الرائد في مبادرة الحزام والطريق من خلال ممرات لوجستية إقليمية عبر أفغانستان.

السيناريوهات المستقبلية لما بعد باغرام

رغم الاهتمام باستعادة قاعدة باغرام، إلا أن الوضع الحالي داخل أفغانستان وحولها يجعل المنشأة بعيدة عن متناول واشنطن، فقد دمرت القوات الأمريكية المغادرة جزءاً كبيراً من بنيتها التحتية، بينما استولى طالبان وجماعات أفغانية أخرى على أسلحتها ومكوناتها الأخرى وأعادوا توطينها، وبمساندة من الصين وروسيا، رفضت السلطات التابعة لطالبان بشكل قاطع عودة القوات الأمريكية إلى أفغانستان، وسيحتاج البنتاغون إلى وجود أمني واسع نسبياً في أفغانستان لحماية جنوده وقواعده من التهديدات المحلية وتلك المدعومة من جهات خارجية.

بمساندة من الصين وروسيا رفضت السلطات التابعة لطالبان بشكل قاطع عودة القوات الأمريكية إلى أفغانستان

قد تهيئ التطورات المستقبلية بيئة أفضل لاستعادة قاعدة باغرام، فعلى سبيل المثال، قد يرغب الأفغان في الحصول على المساعدة العسكرية الأمريكية ضد باكستان أو إيران، وفي الوقت نفسه، قد تتجه بعض حكومات آسيا الوسطى إلى طلب المساعدة الأمريكية لمكافحة الحركات الإرهابية الإقليمية أو لمنع إقامة تحالف صيني-سوڤيتي في أوراسيا، لكن قبل ذلك، يمتلك صانعو السياسة الأمريكيون خيارات أخرى لإعادة بناء نفوذهم الأمني في أفغانستان.

التحالف المعادي للولايات المتحدة (على المدى القريب)

سيساهم السعي لاستعادة قاعدة باغرام على المدى القصير في دفع الفاعلين الإقليميين إلى التقارب في معارضتهم للولايات المتحدة، إذ تعارض حكومات إيران والصين وروسيا هذا المفهوم بشدة، بينما ستتردد حكومات الهند وباكستان ودول آسيا الوسطى في تحدي موقف مشترك صيني-سوڤيتي بشكل علني، حيث ستستغل طالبان الضغط الأمريكي لتحسين علاقاتها مع هذه الدول بدلاً من الولايات المتحدة.

وفي مواجهة الرفض، من المرجح أن تقوم إدارة ترامب بحظر أي تخفيف شامل للعقوبات أو تقديم مساعدات تنموية لأفغانستان، كما يمكن أن توجه وكالة المخابرات المركزية والبنتاغون لدعم المقاومة المضادة لطالبان بالمال والتدريب والأسلحة، وربما بعمليات جوية “خارج الحدود”، ويمكن أن تميل الحكومة الأمريكية إلى دعم باكستان في نزاعها مع أفغانستان لممارسة الضغط على طالبان وتعطيل محاولة بكين لموازنة علاقاتها القوية مع إسلام أباد ومصالحها في تطوير علاقات مع طالبان.

منظر عام لقاعدة باغرام الجوية (أ ف ب)
عودة واشنطن (على المدى البعيد)   

على المدى البعيد، يصبح وجود عسكري أمريكي متجدد في أفغانستان أكثر مصداقية، فقد أنشأت الولايات المتحدة قواعد في العديد من الدول التي كانت خصوماً لها سابقاً، بما في ذلك ألمانيا واليابان والعراق، وقد تصالح قياديو طالبان إلى حد كبير مع روسيا رغم سنوات الاحتلال العسكري السوفييتي القاسية، ومع ذلك، فإن وجود عسكري أمريكي كبير سيستلزم على الأرجح قيادة طالبان جديدة تتجه نحو الانفتاح الدولي، أو فقدان الجماعة السيطرة على أجزاء من البلاد، أو نظام جديد بالكامل.

في هذا السيناريو، قد يصبح طلب ترامب بشأن باغرام بمثابة بداية لعملية تفاوض مطولة تنتهي بصفقة أمنية أمريكية أفغانية جديدة، حيث يمكن للولايات المتحدة أن تبدأ بزيادة التبادل المهني والتعليمي، والمشاركة في مناورات وتدريبات مشتركة منتظمة، كما يمكن للمسؤولين الأمريكيين المساعدة في رفع العقوبات عن طالبان، وتوجيه المزيد من الأموال للأفغان، وتنمية موارد البلاد، والتوسط في النزاع الأفغاني-الباكستاني.

وفي مرحلة ما، قد تتمكن الولايات المتحدة في نهاية المطاف من توفير الذخائر ونشر قوات أمريكية بالتناوب في المنشآت العسكرية في أفغانستان، ما سيحقق فوائد استراتيجية دون مواجهة تحديات إدارة قاعدة عسكرية كبيرة مثل باغرام.

قد يصبح طلب ترامب بشأن باغرام بمثابة بداية لعملية تفاوض مطولة تنتهي بصفقة أمنية أمريكية أفغانية جديدة

قد يؤدي أي وجود عسكري أمريكي أيضاً إلى دفع كل من الصين وروسيا إلى التقارب ضد واشنطن، فبكين ستوظف علاقاتها الاقتصادية لجذب باكستان إلى جانبها، بينما ستضغط موسكو على حكومات آسيا الوسطى، التي قد ترحب بعض منها بهدوء بزيادة الوجود الأمريكي، للتماشي مع الموقف بشكل علني، لكن معارضة هذه الدول قد تقل إذا استخدمت واشنطن وجودها لقمع التهديدات الإرهابية المشتركة.

الانقسام بين الصين وروسيا (على المدى البعيد)

إذا لم يكن للولايات المتحدة وجود عسكري في أفغانستان، فإن احتمالية نشوب تنافس صيني-روسي طويل الأمد بشأن أوراسيا أصبح وارداً، فعلى سبيل المثال، قد تتنافس بكين وموسكو على ضم الأراضي الأفغانية إلى مشاريعهما البديلة للتكامل الأوراسي، وفي غياب تهديد أمريكي مشترك، يزداد احتمال تدهور العلاقات الصينية الروسية، كما أنه في حال انتهاء العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا سيقلل من حاجة موسكو إلى دعم بكين، إضافةً إلى ذلك، قد يدفع فقدان بكين ثقتها في قدرة موسكو على الحفاظ على الاستقرار في آسيا الوسطى إلى التخلي عن سياستها القائمة على احترام الأمن الإقليمي لروسيا، وقد تحاول بكين وموسكو حشد وكلائهما الأفغان ضد بعضهما البعض.

يمكن للولايات المتحدة أن تميل إلى جانب معين، ولكن مسار العمل الآخر، الذي يتماشى بشكل أكبر مع نهج “أميركا أولاً” التقليدي، سيكون التراجع جانباً وترك المنافسة بين الصين وروسيا تتصاعد وتمتد إلى مناطق أخرى.

جوهر مسألة قاعدة باغرام يتجاوز مجرد المطالبة بقاعدة جوية فعلية، فالسؤال الأساسي هو: كيف يمكن للولايات المتحدة تحقيق نفوذ أكبر في ساحة أوراسيا؟، وما التكاليف التي قد تتحملها في سبيل ذلك؟.

 يمكن لأفغانستان أن توفر ثروة هائلة من الموارد غير المستغلة، ونقطة لوجستية محورية، وبوابة لبقية أوراسيا، لكن التاريخ يصف البلاد بحق بأنها “مقبرة الإمبراطوريات”، ومع إعادة الولايات المتحدة ضبط التزاماتها الأمنية العالمية، ستحتاج واشنطن إلى دراسة خياراتها الأفغانية بعناية والسعي إلى تحقيقها بمرونة فائقة في المنطقة الأوراسية المتقلبة.

ريتشارد وايتز

ريتشارد وايتز

ريتشارد وايتز زميل أول ومدير مركز التحليل السياسي العسكري في معهد هادسون، وهو متخصص في قضايا الأمن الدولي والعلاقات بين القوى الكبرى مثل روسيا، الصين، و الولايات المتحدة، وحصل وايتز على شهادات أكاديمية مرموقة من جامعتي هارفارد، وأكسفورد، وكلية لندن للاقتصاد، وقبل انضمامه إلى معهد هادسون في عام 2005، عمل في عدد من المؤسسات الأكاديمية والبحثية، بالإضافة إلى وزارة الدفاع الأمريكية، وله العديد من المؤلفات والكتب، والتقارير، والمقالات المتخصصة.
موضوعات أخرى
تقرير
تقرير
تقرير
تقرير
تقرير
تقرير
تقرير
تقرير
Eagle Intelligence Reports
Privacy Overview

This website uses cookies so that we can provide you with the best user experience possible. Cookie information is stored in your browser and performs functions such as recognising you when you return to our website and helping our team to understand which sections of the website you find most interesting and useful.