التحوّل الجذري لجيل الشباب الذي يشهده المجتمع الأمريكي لا يقتصر على كونه تغييراً ثقافياً أو اقتصادياً أو في القيم فحسب، بل يعكس تحولاً سياسياً أعمق بدأ يرسم ملامح المسار المستقبلي لأمريكا كأمة.

التحوّل الجذري لجيل الشباب الذي يشهده المجتمع الأمريكي لا يقتصر على كونه تغييراً ثقافياً أو اقتصادياً أو في القيم فحسب، بل يعكس تحولاً سياسياً أعمق بدأ يرسم ملامح المسار المستقبلي لأمريكا كأمة.
تمر الديمقراطية الأمريكية بواحدة من أكثر مراحلها اضطراباً في العصر الحديث، فخلال ثمانية أشهر فقط من عودته إلى السلطة، أصدر دونالد ترامب سلسلة من الأوامر التنفيذية التي تجاوزت حدود صلاحيات الرئيس، ما أثر على التوازن بين السلطة التنفيذية والكونغرس، وتردد صداها عبر التحالفات الدولية التي شكّلت دعائم النظام الدولي منذ الحرب العالمية الثانية.
يتجاوز مسعى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب غير المسبوق لتسييس سياسات الاحتياطي الفيدرالي، حدود القضايا الاقتصادية الداخلية؛ إذ يهدد بتقويض مصداقية الولايات المتحدة في الأسواق المالية العالمية، ويمنح الخصوم فرصة لاستغلال الثغرات في ركائز النظام الدولي القائم على الدولار، والذي يُعدّ أساس الاقتصاد العالمي.
تجاوزت الديون الأمريكية المتصاعدة تحدياتها الاقتصادية الداخلية الملحّة، لتمثّل اختباراً حاسماً لمكانة واشنطن على الساحة العالمية، ومع بلوغها مستويات تاريخية غير مسبوقة، باتت تهدد استقرار أمريكا المالي الداخلي وتضعف قدرتها على فرض نفوذها في الخارج.
بدأت الهيمنة الأميركية غير المسبوقة على الفضاء المعلوماتي العالمي، التي استمرت لعقود، تتلاشى تدريجياً، حيث يأتي هذا التحوّل في وقتٍ يشهد فيه القطاع توسعاً غير مسبوق، مدفوعاً بصعود الذكاء الاصطناعي وتطوّر أساليب حرب المعلومات، والأهم من ذلك، حرص القوى الناشئة على الاستفادة من نمو هذا المجال. سلسلة من الأخطاء المتكررة التي ارتكبتها الولايات المتحدة في …
تشهد الساحة الأمريكية اليوم مشهداً يشبه إلى حد كبير الاضطرابات التي طبعت الولاية الثانية لريتشارد نيكسون: تصدعات داخلية تعصف بالحزب الجمهوري، وفضائح سياسية تتكشف بين الحين والأخر، وقلق اقتصادي، وشبح فقدان السيطرة على الكونغرس، هذا التشابه يضع الرئيس دونالد ترامب في قلب عاصفة كاملة قد تعصف بولايته الثانية.